أين جوكر حزب الله في تفجير بيروت؟
مهنا الحبيل
9/8/2020
مؤلم أن تلج مباشرة، إلى الجانب السياسي التحليلي أمام كارثة بيروت، رغم الصدمة المروعة والحَزن الكبير، الذي لا يزال يجثم على صدر لبنان، ولكن المبرر الموضوعي هنا، هو أن البنية السياسية داخل لبنان وخارجه، كانت الأساس الذي صنع الجريمة.
ما موقف تل ابيب، وما علاقتها بالأمر، هل هو زج لها في مستودع متفجرات، كان تحت المسؤولية الحصرية الشامل لحزب الله، كلا..
بل الرابط هنا موضوعي تماماً، لقد تحول النقاش إلى زاوية فرعية في التفجير، هل هناك قصف أم لا، أم أنه انفجار من جراء الفساد في التخزين، وأي فساد سنتحدث عنه هنا، ويوضع في سياق دولة طبيعية، ومسؤولية إدارية لجهاز أو وزارة، لا وجود له في لبنان مطلقاُ.
فالمنافذ والمواقع الحيوية، وكل مساحة عبور استراتيجية للدولة اللبنانية، هو في قبضة حزب الله الميدانية، وبالتالي مستودع مرفأ بيروت، أكان ضمن شحنة سفينة، وصل بعض مخزونه بعملية غسيل أموال، نفذتها طهران، أو كان ممتلئ ذاتياً ويُنقل منه دورياً، قبل هذه الحمولة فالمعنى واحد.
إن جريمة الصهاينة أياً كان مسار تقديمها هنا، ليست حدثاً جديداً ولا نبوءة، غير أن المعنى الأخطر والأهم، هو في الأرضية التأسيسية لدور إيران الأثيم، وحزبه المجرم في تاريخ الشام الكبرى، وفي خرائط جراحه.
التي لم يكن للإسرائيليين أن يُنفذوا إليه لولاه، ولا أن تعود باريس بروح تضامن مسرحية خادعة، لتحتضن هذا الشعب المغدور، الذي تلاعب به ساسته، وكان رئيسه على هامش الهامش، بحكم موقعه الوظيفي في سجلات حزب الله، حتى في طريقة ارتداء البدلة، كان مشهد عون هزيلاً للغاية أمام الراعي الفرنسي الجديد.
وليست مهمة هذا المقال، شرح مستقبل الصراع الدولي الإقليمي الجديد في لبنان، ولكن العودة للتفكيك الإستراتيجي، لموقع التفجير ودلالته السياسية المهمة.
إذن فالمستودع والتشريعات القضائية والأمنية والتجارية، وكل ما يتعلق بها كان في عهدة حزب الله، وفهم ذلك يعتبر بديهية لمن يعرف واقع لبنان السياسي، وأن مهمة الحكومات ليست الحليفة فقط، كالتي شكلها مع تيار عون مؤخراً، بل حتى التي يشاكسها هي مجرد فريق خدمات ميداني لإدارة أجهزة الدولة.
ومع ذلك فشل الحزب في دعمها لصالح هذه المهمة، ومحور أبو ظبي الشريك في كارثة العرب، والذي ساهم في بؤس لبنان، يهاجمه الحزب في الإدارة المحلية لتبرير فشله، وتوجهاته الأصلية، التي ترفض في الأصل، قيام جمهورية متماسكة في الخدمات، وفي البناء السياسي، لأن ذلك ليس في صالح (مزرعة) ايران اللبنانية، التي توظفها طهران.
إذن هنا ما هو الأمر الأهم؟
فلنلاحظ تقارب أو تطابق الصور في عمليات الأسد الإرهابية في سوريا، مع تفجير بيروت، والتحليل العسكري الفني، لطبيعة المواد المتفجرة في كليهما، ونعود بكل بساطة لرصد هذا المستودع من مواد تفجير تنسف مدينة صغيرة بالكامل، والتي أثبتت أنباء ما بعد الجريمة أن خبرها، كان مسرباً!
ما الذي يعني ذلك؟
يعني أن مخابرات واشنطن وباريس ولندن، وخصوصاً تل أبيب كانوا على علم بذلك، لقد كانت قاعدة اللعبة هو أن هذا المخزون محتكر لصالح عمليات الإبادة التي يُنفذها الحزب بذاته، أو عبر نظام دمشق ضد السوريين، وبالتالي فإن الغطاء الدولي كان سارياُ لصالح هذا المستودع.
لماذا؟
لأن قرار تصفية الثورة السورية، هو الأمر المشترك بين هذه الأطراف، بغض النظر عمن ساعدهم من الأطراف الأخرى، في بعثرة ميدان الثورة، هنا فقط تتضح التغطية الإسرائيلية لصالح عمليات الحزب، والتي لا يُسقطها مطلقا ضرب مفرزة أو موقع وسقوط عدد من القتلى، فهناك صراع تنافسي وهناك مصالح مشتركة، أبادت السوريين واليوم تختنق بها بيروت المحاصرة من الداخل.
وأياً كانت حسابات تل أبيب في نظرية القصف الصاروخي، فهذه القاعدة المعلوماتية في الحدث لن تَسقط، فرسالة الإسرائيليين، ممكن أن تُقرأ بأن هناك تعديل في قواعد اللعبة، وإن كان القرار لم يُقدّر حجم المخزون أو بعض زواياه، فهذا وارد لذلك حاول التبرؤ، كل ذلك لا يُسقط لعبة الدول التي استخدمت جميعاً جوكر حزب الله.