في تقديمه للقاء مقهى المهجر الكندي المنعقد في لافال/كندا/الثاني عشر من شهر مارس 2022
شكر مقدّم الجلسة أ. حمزة المجيدي باسم المركز الكندي للاستشارات الفكرية، مركز الفرقان للاستضافة وشكر رواده للاهتمام والحضور.
قائلا بأن سؤال التربية والقيم في ظل التحديات الثقافية والقيمية التي تُثيرها البيئة الغربية، يتصدّر القضايا المهمة التي تواجه الأسرة المسلمة في الغرب عموما وفي كندا على وجه الخصوص، لذا نجتمع اليوم لبحث مايعرضه أ. الحبيل من رؤيته حول المسار المدني والدستوري لحماية حقوق الأسرة والطفولة، وفرص إمكانية تحقيقيه في كندا الدولة القائم دستورها على التعددية.

جدد أ. مهنا الحبيل شكره لمركز الفرقان الإسلامي وللقائمين عليه، قائلا بأنه يعتبر مساهماته في تحديات المهجر الغربي اضافة محدودة، ورافد يدعم ماقدّمه ويقدّمه من سبقوه، في واقع مازال يحتاج الى التأسيس الواعي بدوره في شراكة التعددية وابراز الفارق القيمي الذي يملكه من فلسفة رسالته الإسلامية في خدمة مسار إنقاذ الإنسانية بقيم العدل والمنفعة وليس بفرض ما ثبت عدم منفعته، بل ضرره في جفاء سكينة الروح واستقرارها النفسي.

لماذا مثل هذا الطرح ضرورة اليوم؟
يرى أ. الحبيل أن هناك مؤشرات داعية لاستدعاء التفكير في محاولة تجديد السؤال عن كيفية الاندماج للمسلم المهاجر في وطنه الجديد، كشريك فاعل في مشروع الوطن نحو البناء والتقدم، بوصفه مستفيد من وجوده، وفي نفس الوقت كشريك يشعر بالراحة تجاه معتقداته ونظرته القيمية للحياة الفردية والاجتماعية.
هذه المسؤولية لا يتحمل نتيجة الاخفاق فيها طرف بعينه؛ فعلى المسلم المهجري واجب رفع الجهل المجتمغي برسالته القيمية، وأيضا محاولة تغيير خطابه نحو الاستفادة من عموميات الدستور التي تنص على مواد تحمي الحقوق الخاصة
كما أن الدولة المستضيفة أيضا لها دور في هذه الفجوة من التصاعد السياسي للإسلاموفوبيا، واستحداث بعض القوانين القهرية لأصحاب القيم المختلفة وغيرها.
منوها على أن الطرح باللسان العربي لا يلغي حق بعض القوميات في الاحتفاظ بخصوصيتها، بل هو دعوة تحالف في قيم الشرق المسلم الكبرى، مستهدين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومستحضرين قيمة التعددية في الوطن واسهامها في الدفع نحو التقدم والرفاه للمجتمع.

الورقة التي يطرحها أ. الحبيل قائمة على مبدأ التدافع السياسي، وليس التدافع الاجتماعي-بمعنى الصراع، لأنه يمثل ظاهرة سلبية-، بعكس إمكانية العمل بالأول في تفعيل مخاطبة الضمير الكندي بوسائط جديدة تشرح رسالة القيم التي يدعو لها المهجر المسلم، مع ضرورة الاجتهاد للمراجعة وضرورة التخلص من المظاهر السلوكية والأمراض المُستجلبة من الشرق في الصراعات والتكتلات وغيرها.
فالعمل على مثل هذه المفاهيم الحساسة-الأسرة والطفولة- ليس بوابة خطاب عنصري، بل إيمانا بقيم فارقة لمصلحة الإنسانية جمعا؛ لذا تناولها يحتاج لخطاب عميق يوضح هذا الفارق ويستخدم في بيانه مسار الواقعية التي لاتُقر الخطاب العاطفي التحريضي، لكنها أيضا لا تهوّن من الأمر؛ في ظل اصدار والعمل على استصدار القوانين التي تهدد الأسرة الإنسانية.
يدعو أ. الحبيل الى ضبط الخطاب المتعاطف من خارج المهجر؛ ليس الغاءً لفكرة التضامن ولكن نعم قد تكون هناك اراء سليمة ومفيدة، إلا أن خلق وسائط الحلول يجب تركها لأهل المهجر بحسب مايرونه من اجراءات تناسب أوضاعهم.


يضرب أ. الحبيل نماذجا بقانون (C4، C15)
C4 يُطلق عليه أ. الحبيل قانون تعزيز المثلية )القهرية( قهرا ثقافيا فكريا، يُحاصر الأهل في تربية أبنائهم؛ بوصفه الأسرة الفطرية بأنها )فكرة أسطورية( ، مما يهددها وجوديا بضعف الممانعة، ومن ثم مع استمرار الضعف عبر الأجيال بالتطبيع مع استحداث القوانين، وعليه العجز حتى أمام المتاح من الحقوق في المواد الدستورية.
C15 الذي في تعديله، ينص على استثناء الجهات القائمة على دراسة هذه القوانين، العودة الى السكان الأصليين في مناطقهم. ويرى أ. الحبيل هذا الاستثناء، عمل سياسي له علاقة بفضائح المدارس الكاثلوكية، ولكن ينوه أيضا الى ضرورة سؤال المشرّع أين حق الآخرين)المسلمين( من ابداء الرأي في هذه القوانين التي تمس قيمهم وأخلاقياتهم. وهل يمكن مقارنة سوء سلوك الوالدين مع ابنائهم-لا نقر هنا العنف والأذى- مع انتزاع الأطفال من حضنهم الى حضن الدولة أو عوائل بديلة؟

المسار المدني:
يحرر أ. الحبيل اختلاف المفهوم المدني في رسالة الاسلام، لأن الحياة المدنية لها مساحة اجتهاد واسعة بطبيعة ثنائية الاسلام الإيمانية_العمرانية، مما يجعل ضرورة الانتقال من مفهوم الخطاب الوعظي الى مفهوم الخطابي الحقوقي ممكنة ومتاحة في ظل دول لا تجعل من الدين منصة صراع سياسي وإن احتفظت بضميرها المسيحي. لذا وجب تعزيز هذا الجانب المدني الحقوقي وحضوره في وعي المسلم المهجري.
وتفعيل هذا المسار المدني الحقوقي من خلال مجموعات ضغط تضم نشطاء يعملون في مجتمع محدد أو مجتمع مفتوح، يركزون على مسارهم ولايستجيبون لاستقطاب المواسم السياسية.
مجموعات تراعي خطابها حتى تجمع معها أرضية تعاون مؤثرة، تساعدها في عمليات المدافعة.
بالاضافة لمسار آخر بالتوازي، يعمل على تأصيل القيم وترسيخ القناعة الذاتية لدى المربيين؛ حتى تنتقل للأجيال.


في الختام يركز أ. الحبيل على ضرورة الانطلاق من روح خطابية واثقة بما لديها من قيم، وغير منهزمة تجاه المواقف المتصدقة موسميا بالدعم. وايضا خطاب متضامن مع أصحاب القضايا من الشركاء. خطاب لا يصارع الدولة سياسيا، وإنما يبحث عن حقه الدستوري، كما يقوم بواجبه وفق الدستور أيضا.

الخنساء

الشؤون الثقافية

1 Comment

  • romantik69.co.il, أبريل 3, 2022 @ 6:15 م

    Very nice write-up. I definitely appreciate this site. Thanks!

Comments are closed.