شروط النهضة في رحلة المهجر الجديد

لقاء ثقافي لمدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية أ. مهنا الحبيل/28/2/2020/ بضيافة الجمعية العربية في كيبيك/مونتريال/كندا

مدخل:
ضمن اهتمامه الأخير منذ بداية تأسيس المركز ،في رحلته الثقافية والذي زاد فيه من التركيز على تحديات المجتمع العربي والمسلم في المهجر الغربي؛ مؤسسا لوجهة نظر واجتهاد تحليلي للأزمة الثقافية والأخلاقية والسياسية، محاولا رسم طريق نحو النهضة الذاتية، التي يراها جزءًا أساسيا من مفهوم الشراكة في المواطنة المطروح للعلاقة بين المهجر ومواطنتهم، كبديل لمفهوم الذوبان او التحوّل للمسيحية.

هذه النهضة التي يردد دائمًا انه ليس أول المبشرين بها، إنما إحياء أفكار من سبق والتجديد عليها وفق الأطر المعرفية الجديدة وجدلياتها، وضرورة التنزيل الواقعي وتحدياته.

مقدمة:


ما النهضة المعنية؟

تأسيس ثقافة جديدة وأخلاق قيمية في المجتمع، تعمل على دفعه والوصول به للنهوض الى حال أفضل ومتقدّم.

لماذا المهجر الجديد؟

بالمقارنة مع رحلة المهجر القديم، تعيش أمة الشرق الآن ظرفًا اضطراريا جعل هجرته تتجاوز الأعداد القديمة، وعلى هذا المجتمع الكبير الذي تشكّل التعامل مع تحدياته كمكون قائم بذاته، بالحفر لإيجاد حلوله وفق واقعه وليس النظر للوراء تجاه البيئات الأم؛ ليس تخليًّا أو تنصلا، بل من باب تقوية الذات للمساهمة الإيجابية مستقبلا.

لماذا مفهوم الشراكة في المواطنة؟
مع رهان تحدي الأسئلة الثقافية الجديدة، يحق للعربي وللمسلم أن يحتفظ بقيمه، خاصة في الظل الحقوقي الذي توفره مواثيق ودساتير هذه الدول المضيفة.
وفي ظل ماتواجهه الفلسفة الغربية من اخفاق أخلاقي كبير، يفتح أبواب الجدل فيه فلاسفتها قبل غيرهم.

ولكن يبقى السؤال كيف يحفظها حتى يحتفظ بها في المجتمع الجديد المتعدد؟
يرى أ. الحبيل أن ذلك يكون بوعيها وادراك تفوقها ومقدراتها الإنقاذية للإنسانية وليس لمجتمعها فقط؛ وهذا ماتصنعه مثل هذه اللقاءات الفكرية والحوار فيها.

فهل هذه الشراكة ممهدة الطريق؟
يرى أ. الحبيل أن هناك مسألتان تواجهان الشراكة:
الرفض من اليمين المتطرّف ومن اليسار الجندري.
العجز من المجتمع المسلم والعربي؛ هذا العجز الذي يُعتبر بوابة لأصحاب الرفض.
لذا العمل على تقوية الذات وتأهيلها يعمل على طمأنة المؤمن وعلى كسب المحايد.

شروط النهضة:

وضع أ. الحبيل ثلاثة شروط لمناقشتها، ليس حصرا وإنما افتتاحا لباب الحوار:


الشرط الأخلاقي:
واضعا الأخلاق كشرط أول ومبدئي لنهوض المجتمع.
الأخلاق كإطار للعلاقة بين الإنسان وذاته، وبين الإنسان ومحيطه.
إنها الأخلاق ذات المرجعية الروحية(الدينية) وليس الأخلاق العقلية(الإدارية) الغربية التي تولَّدت مع الفلسفة الحديثة؛ إنها الأخلاق الباعثة على العدالة والأمانة والإحسان.
الأخلاق كتفعيل وجداني وليس سلوك ظاهري فقط؛ توجد مجتمع يحمل بعضه بعضا؛ لان مرجعيته إلهية وليس مرجعيته الذاتية.
هذه المشكلة الأخلاقية لاينجو منها حتى الخطاب الإسلامي؛ الذي سيطرت عليه أخلاق ظاهرية في غياب للوازع الوجداني الأخلاقي.
يرى أ. الحبيل أن من واجب الخطاب الإسلامي النهضوي تنحية المصالح الشخصية والحزبية في السلوك والعلاقات، كأحد أهم أسباب كسب وجدان الشباب والارتفاع بوعيهم التفاعلي الفكري والحقوقي، وهم الطائفة المنوط بها حمل شموع المستقبل.

شرط المعادلة المعرفية:
التوازن الموجود في الفكرة المعرفية الإسلامية، غائب ليس فقط إجرائيا؛وإنما حتى معرفيًا؛ وأحد أسباب هذا الجهل هو الاستبداد وأدواته؛ مثلًا سيطرة المدرسة الفقهية وتنحية المدرسة الفكرية، الأمر الذي نعيش ارتدادته في القصور المعرفي والعجز عن مواكبة تفجير الأسئلة المستجدة.
أو حتى رسم تابوهات تجاه بعض القضايا التي رسمت معادلة المعرفة الإسلامية لها أجوبة؛ وبهذا التابو نُوجِد فجوة يسهل معها الاصطياد من أطراف رفض الشراكة.

شرط المبادرة التنفيذية:
المعنى هنا نشر ثقافة البدء والفاعلية بدلًا عن اهدار الطاقات في ملاعنة الأزمات.
انها فريضة الآن وواجبه من اجل ترسيخ الأفكار على الأرض وصناعة الفارق بإنتاج جيل جديد من حملة الشموع لأجل الغد ورصف طريق القادمين.
تنحية الخلافات التاريخية، والبدء في التأسيس والبحث عن حملة الشموع، لاتعني عدم النقد الإيجابي والبنّاء، بل كسب الوقت وجمع الصف؛ فتكامل الجهود واحتواء الإبداع هو المطلوب.

خاتمًا بضرورة ادراك أن هذا التاسيس للغد وعلى حملة الشموع ادراك ذلك مع ضرورة وعي ان طريق التحدي الطريق طويل وشاق وممتلئ بالمطبات والعوائق؛ فالمصلحون ورثة الأنبياء.

الخنساء