Warning: copy(/var/www/wptbox/wp-content/object-cache.php): Failed to open stream: Operation not permitted in /var/www/easywp-plugin/wp-nc-easywp/plugin/Providers/Redis/RedisServiceProvider.php on line 46
طبقة الثورة بين الماركسية واللبرالية | المركز الكندي للإستشارات الفكرية
Categories: مواد فكرية

طبقة الثورة بين الماركسية واللبرالية

مهنا الحبيل

إنني أقرر أنه إن وجدت في الأرض دولة لا يستطيع كل واحد من افرادها، ان يعيش من غير أن يُلحق الأذى ويقترف الإثم، وحيث (يتحول) المواطنون لصوصاً بالضرورة، فليس الآثم الذي ينبغي أن يشنق، بل ذلك الذي أجبر الآثم على ان يغدو آثماً كي يعيش.

جان جاك روسو

يختار روسو انطلاقة حياة إميل الجديدة، والانتقال إلى حياة العمل والكد، عبر النجارة، ويتجنب هنا مسطرة النظام البرجوازي الاجتماعي في عهده، في سبيل تحرير الوحدة الشعبية التي يصبوا لها من تلك الهيمنة، المرتبطة بالقصر وبالكنيسة، وأن الحرية الشعبية للطبقات المهنية، تُوَلِّدُ بين الناس تعاقداً اجتماعيا في منافعهم، يُهيئهم لهدف روسو الكبير في الثورة.

       ولذلك فإن قاعدة روسو عظيمة هنا في تحميله، أصل الإدانة على مركزية الحكم السياسي، وسياسته الاقتصادية التي هشّمّت آمال الناس، أو استقوت عليهم في زمن محنتهم، ويحضرنا هنا موقف عمر ابن الخطاب من إسقاط قصاص السرقة عام الرمادة، وتوجيه دُرته الدائم، على الأمراء والولاة قبل أي أحد في تحقيق مدار الاتهام.

       وهنا يعود روسو بقوة لمهاجمة النظام السائد، وخاصة ارتباط الناس به، وما يترتب عليه من إفسادٍ للأجيال، ويجزم بتنبؤه بالثورة عليه لا محالة، كل هذه النداءات وما تبعها، من تحذيره لأثر هذه الثورات على الناس أنفسهم، أودعه روسو في كتاب إميل، وهو يدعو لنظامه التربوي المختلف قبل السقوط، ولذلك قلنا دائماً أن جنوح روسو السياسي والغضب من النظام الاجتماعي والديني المرتبط بالقصر، هيمن على روح تفكيره وتحريره.

وهو مقصد نبيل من حيث صناعة جيل حر، لكنه عاطفي مشحون يغلب روسو في فهم دلالات المصلحة الفطرية للطفولة، وأن مراحلها، تقتضي حماية جدارها النفسي وتراتبية وعيها، قبل قرار دفعها في جمهور روسو الثوري، الذي لم يدركه في الثورة الفرنسية، وإن الهمت أفكاره نيران حراكها.

ويهوي روسو هنا على تلك الطبقة المخملية التي سرقت حقوق الشعب، بامتيازات المُلك، ويدعو إلى إسقاط تميزها على الشعب، وهو يسطّر مدونة تربوية للفتيان، ويقول أن الطبيعة لم تمنح احداً هذا الحق للسيطرة، في ذات الوقت الذي يُشجّع الطبقة المهنية العاملة، على تحقيق قوتها في يدي إميل ورفاقه، وتدار المنفعة بينهم بعيدا، عن سيطرة القصور وحاشيتها.

       يحاول روسو هنا مواجهة تخلق النظام بين الرأس والحاشية، وبين كتلة الشعب النفعية، وهي قصة متجذرة في التاريخ الإنساني، عاشت تحته أوروبا قبل القرون الوسطى وخلالها، ووظف استخدام الدين وطبقة النبلاء النفعيون، لتكريس القوة الظالمة، وهو ما قرن مواجهة الدين في المشروع الثوري الغربي، مع مواجهة الحُكم.

 رغم أن روسو وغيره كان لهم إقرارٌ أخلاقي، بوجود عالم غيبي يلعب دوراً مهماً في ترشيد الفرد، وفي تهذيب سلوكه، لكن هذا المعنى الواضح في فلسفتهم، طُوي تحت صخب العنف الثوري.

       وهنا تتساءل عن كيف اتفقت رؤية العنف الثوري، بين الماركسية العلمية وخاصة في نبوءة ماركس ومريديه الحُمر، بعد ذلك، مع فلسفة روسو اللبرالية، فالمفاهيم التشريعية، لكفاح الثورة وفواتيرها الدموية، مبررة عند الطرفين، ولكن المآل مختلف، بين المشروع اليساري الأخير، وبين المشروع اللبرالي النهائي.

       في حالة أوروبا وُلدت الدولة متماسكة والمجتمع الإداري، أما في واقع رحلة الإتحاد السوفييتي، فإن منظومة الدولة اضطربت وتمزقت، وعاش المجتمع على الأقل في صورته الظاهرية، حالة صراع وكبت، مقابل الحياة الديمقراطية والقانون الدستوري، الذي كانت اللجان المركزية تُفصّل تطبيقاته، بحسب رؤيتها وضمان سيطرتها، على الدولة والشعب معاً، فهل لهذا الأمر فارق مهم؟

       وهناك في شرق آسيا مشروع ولادة لبرالي ديمقراطي، كَرّس أيضا المرجعية الدستورية، ولكنه لم يحتاج إلى العنف الثوري، قاده لي كوان في قصة صناعة سنغافورة، دون أن يعبر دورات الثورة الفرنسية في صراعها الدموي، وحصيلة الضحايا الذين تراكموا قبل ميلاد الجمهورية.

 يظهر لنا هنا ضرورة التأمل في هذه الفروقات، خاصة حين ننظر إلى واقع الوطن العربي، والمشترك هنا هو استخدام الفكرة الدينية، في تمكين بني أمية وتتبع خصومهم، وفي هدم الدولة الأموية من العباسيين، وفي الهجوم العثماني الشامل، على كل إرادة شعبية للقوميات الأخرى، او حتى داخل الأناضول، ونعتها بالخيانة الدينية.

       مسلسل عاصف، الفارق فيه أن الغرب لا يملك نصوصاً، ولا تجربة سياسية اجتماعية، تنص على أولوية العدالة، أما المسلمين فلديهم ارث النصوص دون تزوير الفقهاء المستأجرين، وتجارب سياسية طبقها الراشدون، ومع ذلك نُحيّت كلمة الله واستَبدل الحكام بها نصوصا محرفة المعنى عن حقيقة الرسالة وحقوق الأمة.

mohana63

Recent Posts

الحداثة الراديكالية وحياة المسلمين الزوجية

الحداثة الراديكالية وحياة المسلمين الزوجية مهنا الحبيل إن العبور إلى نجاة حياة الفرد ومن يعول،…

5 أيام ago

أحمد الشرع مع جو حطاب

أحمد الشرع مع جو حطاب مهنا الحبيل برزت شخصية القائد أحمد الشرع، بجاذبية حيوية للسوريين…

7 أيام ago

بين عقل الأكوان وعقل القرآن

بين عقل الأكوان وعقل القرآن مهنا الحبيل تأمل في توجيهات النص القرآني جيداً، في كل…

7 أيام ago

أحمد الشرع بين رؤيتين

أحمد الشرع بين رؤيتين مهنا الحبيل هل هناك مبرر لمخاوف البعض من كون هيئة تحرير…

3 أسابيع ago

تحجيم تفويض السلطة

متى يجب أن يسقط النظام؟ مهنا الحبيل إن نظام الحكومة ليس عقداً، بل قانون، والحكومة…

شهر واحد ago

العقل المعرفي..الفارق الفلسفي الإسلامي

العقل المعرفي.. الفارق الفلسفي الإسلامي مهنا الحبيل في رحلة الجدل الفلسفي المعاصر، تختط قواعد المقارنة…

شهر واحد ago