مذبحة نيوزيلندا والقرار الأممي
مهنا الحبيل
27/3/2022
قادت باكستان بالتنسيق مع عدد من الدول الإسلامية، حملة استصدار القرار الأممي باعتبار الخامس عشر من مارس آذار كل عام، يوم عالمي لمكافحة الاسلامفوبيا، ويأتي تحديد هذا اليوم بسبب ذكرى مذبحة مسجدي كرايست تشيرتش النيوزلندية، وقبل أن نتجاوز هذه المذبحة نحتاج أن نستعيد صورتها ودلائلها، ليس لأجل هذا القرار فقط ولكن لحاجة الضمير الإسلامي والإنساني لوضع قاعدة عملية لمفاهيم التضامن، ومكافحة الكراهية وأيديولوجيات العنف التي تتصاعد ضد المسلمين، وتخصهم في كثير من الأحيان.
ولقد صدر القرار بالإجماع فلا سبيل لوقفه من كارهيه، فيما خشي المعارضون له من تصويتهم ضده، لأنه قد يؤثر عليهم في أي جرد أخلاقي لعمليات الإرهاب الاسلامفوبي، أو استذكار موقفهم في خضم حوادث العنف، ولذلك سجل الإتحاد الأوربي والهند وفرنسا تحفظهم على القرار، وكل هذه الدول المتحفظة ضمن سياق الإتحاد الأوربي وخاصة فرنسا، وكذلك الهند تحت حكم حزب باراتي جاناتا المتطرف، تعيش مجتمعات المسلمين فيها حملات كراهية ممنهجة برعاية رسمية ضمنية أو صريحة، ولا تتطابق مستويات بعث الكراهية والعنف في كل دول أوروبا وامريكا الشمالية ولكنها تتصاعد بصورة ظاهرة في الجميع.
وفي موقع الأمم المتحدة الرسمي باللغة العربية، لا يظهر لك كامل نص القرار، وتشعر بفتور شديد في الموقع تجاه القرار، كما أن بعض التغطيات للقنوات الغربية وفي الخطابات الدولية ذات العلاقة يُفرّغ مضمون القرار الرئيسي، ويشكك بعضهم في استحقاق المسلمين لهذا المصطلح، رغم أن مصطلح معاداة السامية تُوقَف الدنيا ولا تُقعد حين يمس، وحين يكون الضحايا من المحسوبين على المدنيين اليهود ينفجر المشهد العالمي، ونحن نؤكد إدانتنا لأي أعمال عنف أو سلوك كراهية يوجه للأبرياء من كل الديانات في العالم.
كل ذلك لن يعني شيئاً في تأييد القرار أو تخذيله، بناءً على نصوص القرارات الدولية، وخاصة بأن قرارات الجمعية العامة لا صفة إلزامية لها، ولكنها وهذا مهم ذات مرجعية دولية لا تخص دين ولا وقومية محددة، فالمهمة هنا هو في تفعيل هذه القرارات واستثمارها ثقافياً وإعلامياً وسياسياً، وهنا السؤال الكبير.
من هي الجهات التي ستستثمر هذه المناسبة، وكيف تتحول إلى رسالة فاعلة تصل لمن يجب أن تصل إليه، وما هي اللغة المؤهلة لذلك؟
إنّ هذه القضية تحتاج بالضرورة إلى حجم تكاتف كبير، ومساهمات منظمة وروح تعاون بين الأفراد والمؤسسات من المسلمين، وممن يؤمن بخطورة الاسلامفوبيا وأنها واقع يعيشه العالم اليوم، ولا يلزم من ذلك وقف أي جهد ممكن ولا رفض أي مبادرات محدودة بإمكانيات بسيطة، ممكن أن يقوم بها الأفراد أو الجمعيات التطوعية أو منظمات المجتمع المدني للمسلمين، وخاصة من خلال هذا الفضاء الكبير في وسائل الإعلام وفي لغة التواصل والتعبير المتاحة في عالمنا اليوم.
لكن حرب الاسلامفوبيا خطرة ومتعددة ومتلونة، فقد تكون استراتيجيات رسمية غير معلنة لدى بعض الأطراف، وثقافات استقرت في مناطق ودول عديدة من العالم، بعضها بسبب الجهل وبعضها بسبب الهلع من نموذج للمسلمين صُدّر في المشهد الدولي، وبعضها بناءً على أخلاقيات وسلوكيات مشينة لبعض المسلمين، وهي حالات واسعة وليست محدودة.
بل إن موقف المسلمين من بعضهم البعض لا يُمثّل أبداً تعاليم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي قضايا الصراع اليوم وهجرة الشعوب واللجوء، لدينا ظلم كبير يقع على المضطرين والمحرومين من المسلمين، والظالم والعنصري هنا هم دول مسلمة وأفراد مسلمون، وفي حالتي سوريا والروهينجا دلالات كبرى على هذا المأزق الداخلي لحاضر العالم الإسلامي.
لكن هذا لا يجوز أن يكون مبرراً لعدم الدفاع عن المسلمين ورسالتهم وخاصة نبيّهم صلى الله عليه وسلم، والعبور الناجح لاستثمار هذا اليوم يحتاج تعاضد من مؤسسات إعلامية كبرى كقناة الجزيرة على سبيل المثال، فتفعيل هذا اليوم يربط ما بين المسلمين وذاتهم والتذكير بالمنهج الأخلاقي الذي يحتاجونه لأنفسهم والآخرين، وتعاضدهم ضد هذه المظالم ومد الجسور الحيوية والإيجابية مع المجتمعات الأخرى، وجهد الرئيس عمران خان المميز وحديثه على المنصات يستحق الشكر والتقدير، وهو أيضاً يُذكّر بأهمية الإفادة من أي مساحة رسمية ممكنة في مؤسسات الدول المسلمة.
العقل المعرفي.. الفارق الفلسفي الإسلامي مهنا الحبيل في رحلة الجدل الفلسفي المعاصر، تختط قواعد المقارنة…
أفق السلام الكردي-التركي مهنا الحبيل أياً كانت القراءات المختلفة، لموقف دولة بهتشلي القائد القومي التركي…
فرض الديمقراطية الدموية مهنا الحبيل يفكك روسو التحديات التي تواجهها السلطة الاشتراعية، وخاصة كونها القوة…
أصحاب الظرف الخاص في مجتمعاتنا العربية مهنا الحبيل هل توقفت يوماً عند ذلك الطفل، الذي…
رسالة للزواج الجديد مهنا الحبيل يبدو عنوان البرنامج الوقائي، لوازرة التنمية الاجتماعية في قطر، مهم…
الديمقراطية التي تحمي السيادة مهنا الحبيل يعرضُ روسو لطبائع الشعوب وما يُلائمهم من حكومات، كسلطة…