مهنا الحبيل
لفت نظري حضور الشيخ حجاج العجمي، في التربويات الروحانية والتوجيه السلوكي، وشعبيته المرتفعة بين شرائح عدة في منطقة الخليج العربي، وخاصة في السوشل ميديا، وقد تعرض الشيخ حجاج لحملات إعلامية تحريضية واسعة، ودافع عن نفسه بشجاعة، فيما يتعلق بعلاقته، بالبعد الثوري العسكري لثورة سوريا، زمن الربيع العربي، أو نسبته لفكر السلفية الجهادية، تزامن اتصاله الأول بي، بعد أن كنت شاهدت حلقة بودكاست بدون ورق.
والتي استعرض فيها حكايته الطويلة ومعاناته، من وضعه في قائمة مجلس الأمن الاحترازية للوقاية من (الإرهاب)، ومجرد هذا الوصف يضع الإنسان في خندق حصار شرس، فضلاً عن الإجراءات التي تناله، وبالطبع الحديث هنا، عن شخص يقدم بكل قوة وثقة براءته من هذه التهم، وأما هجوم إعلام القوى الأمريكية الولاء، في المحيط العربي فهو ليس حجة مطلقاً.
دعونا في البداية نؤكد، أن التطرف في ظاهرة (السلفية الجهادية)، له أثر مدمر بما فيها الإسناد الخطابي له، وقلنا ظاهرة لأنها حقيقة، ثم الحقنا وصف التطرف، لبيان مهم نحدد فيه الإدانة لكل فقه وفكر، يمس المدنيين الأبرياء، أو ينشر الفوضى أو يستدعي الصراعات العسكرية المسلحة في بلدان المسلمين، أما مساحة المقاومة في العالم كله وليس للمسلمين وحسب، فهي مناطة بالحق الشرعي الديني والقانوني في أمم الأرض، في حق الدفاع، هذا حين الاحتلال والإبادة، فضلاً عن البغي الشرس الذي يتعرض له عالم الجنوب، من الغزو الكولونيالي.
وآخر من يتحدث عن هذا الجانب ويدافع عن نفسه هو البيت الأمريكي والغربي، ولنا في شراكتهم وتأييدهم المطلق لإبادة شعب غزة، أكبر دليل، فضلا عن السجلات الضخمة لهذا الإرث في أفغانستان، وفي العراق، حتى فيتنام، وأما تشكل المجموعات الدولية للرد المسلح، الذي يبرره فرانز فانون في فلسفة العنف الأخلاقي، فله حكاية طويلة لسنا اليوم في صدد طرحها.
قلت لبو فهد وقد شدني أن يطلق حملة شخصية، يتواصل فيها مع الكتاب وذوي الرأي لرفع الإجراءات الظالمة في رزقه وتنقله، ومنعه من كثير من الحقوق بما فيها الحسابات البنكية فضلاً عن تضييق المعيشة، لك حق عام وخاص، ومازحته بالتذكير بمكانة بادية الخليج العربي وبالخصوص الأحساء لدي، والتي من أبرزها العجمان والمرة، فاستطرد البدوي الداعية يسرد ذاكرته والقربى، في تاريخنا الاجتماعي المشترك في الخليج العربي.
قدم لي الشيخ حجاج عرضاً لمواقف الدولة في الكويت، الرائعة والتضامنية، من موظفي ووزير الخارجية، إلى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله، والشيخ نواف رحمه الله، وحتى عهد الشيخ مشعل الأحمد وفقه الله، وتواصله المستمر مع الجهات المسؤولة، فضلاً عن أعضاء مجلس الأمة، ودورهم في تبني قضيته، وهذا يُعطيك مؤشر لتفاعل الثقة التي يمتلئ بها الشيخ حجاج.
وهنا تشرح الصورة حجم تبني المجتمع والدولة في الكويت لقضيته، ونحن نستذكر دوماً بحبور كبير، هذه الروح التراحمية الجميلة بين الأسرة الحاكمة في الكويت وبين شعبها، والتي تُمثل نموذجاً جميلاً ومهماً لتحقيق الاستقرار السياسي الاجتماعي، راجين امتدادها وتعزيز مسيرة الإصلاح.
وحديثنا عن قضية الشيخ حجاج هنا، لا يعني أن يُلزم الناس من أبناء الكويت، ولا من خارجها، بقبول كل خطابه، ولا يعني تطابق من يؤيد موقفه الحقوقي بالضرورة، مع رؤى الشيخ حجاج، لكن نموذج المراجعات النقدية واستقرار المشايخ الدعاة، على خطاب تربوي سلوكي، يدفع للسلام ولمكارم الأخلاق، ولصناعة وقاية تحصينيه للشبابـ، أمر مهم وضروري لنا، وبالذات خلال هذه المواسم التي تعاني منها الأمة الإسلامية من حملات حروب متعددة من الأيغور إلى غزة، فالخطاب العقلاني للدعاة التربويون بعدم التورط في أي حالات عنف مهم جداً.
والحالة السلفية في الخليج العربي، هي تيار عريض واسع، اختلف معه من اختلف أو اتفق معه من اتفق، وهو أطياف متعددة ايضاً، المهم هنا أن تعزيز الجسور مع الشباب المتدين في الخليج العربي، وتوجيهه للحسنى هدف استراتيجي مهم، ودعم الشيخ حجاج وغيره في ذلك حق أصلي، وواشنطن هي من يتولى القرار النهائي في مجلس الأمن، بخصوص هذه القائمة، ونحن في الحقيقة لسنا حريصين على مصالحها ضد الشعوب، بل العكس.
وإنما المصالح الإنسانية المشتركة في تعزيز حماية المدنيين وثقافة السلم الأهلي، وبالتالي سعي الشيخ حجاج لحقوقه، يُفترض أن ينظر له الجميع حتى الامريكيين من زاوية أخرى، إن كان لهم حظٌ بالفعل من هذه الشراكة رغم ارثهم الضخم، ومسؤوليتهم الكبرى عن كوراث العالم، وهي الرسالة التي أمّل بو فهد حجاج العجمي، أن تدعم الفريق الكويتي الدبلوماسي، من شركائهم في مجلس التعاون الخليجي لرفع اسمه من القائمة.