تقرير وخلاصة فكرية من لقاء أ. الحبيل مع مجتمع نادي شِعرى الثقافي/أنقرة/22/8/2020

نقلًا عن صفحتهم على الفيسبوك..

أقام نادي شِعْرى الثقافي التابع لاتحاد الطلاب اليمنيين في تركيا فرع أنقرة وكريكالي أمسية بعنوان الشباب العربي والنهضة “صناعة الذات” ألقاها الأستاذ/ مهنا الحبيل مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية.
أشاد الضيف في مستهل حديثه بالشباب اليمني ورغبتهم العميقة في التغيير والنهضة.
بعدها انتقل إلى رسالة البناء في الوطن العربي في يومنا الحاضر وكيف يمكن تحويل الغراس الثقافي الذي جاهد وكافح من أجله الشباب لتحقيق آمال النهضة العربية سواء عن طريق الكفاح المدني أو السياسي. أكد الأستاذ بعدها على أهمية الإدراك العميق لمفهوم الكفاح المدني حتى نصل إلى مفهوم أعمق لصناعة الذات.

أثار الضيف بعدها السؤال الأساسي للأمسية وهو لماذا ترتبط النهضة العربية بصناعة الذات؟ ولأن هذا السؤال استنزف الكثير من وقت المهتمين في هذا المجال؛ كان الهدف من الحديث عن الذات هو الوصول إلى وطن مختلف وقبل أن نصل إلى وطن مختلف يجب أن نصل إلى إنسان مختلف.

من أهم إشكاليات عدم فهم ومعرفة الذات
• عدم فهم الفكر الإسلامي في الصناعة المدنية؛ حيث أن هناك فشل كبير في الخطاب الديني التربوي.
•عدم وعي مساحة الفكر المدني تحت مقاصد الإسلام الكبيرة والتي أُغفِل منها منطلقات كثيرة، ومن أهم المنطلقات دور الإحيائيين العرب.
هناك فراغ ضخم جداً بين ماقام به سؤال الإحييائيين العرب ونهوض الحركات الإسلامية، نستطيع تحسس بداية الأزمة من مرحلة الفراغ… أين كانت أسئلة الإحياء الإسلامي وأين وصلت أسئلة الدعوة الإسلامية في ذروة هيمنة الأفكار السلبية على الدعوة الإسلامية إلى يومنا هذا. ولذلك أحد أبرز أسباب دحرجة الربيع العربي هو عدم فقه أسئلة الإحياء الأولى.
إن الأزمة الناتجة من الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين والتي تسببت في إسقاط مفهوم النضال والكفاح في الربيع العربي كان سببها عدم وجود لغة تفاهم.
وللوصول إلى لغة تفاهم نحتاج أن نحرر الإنسان العربي من مرتزقة الخطاب الديني والعلماني ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما قال ( ويح قريش لو خلوا بيني وبين الناس) وهذه دعوة كفاح مدني وليست مسلحة. فيجب علينا من هذا المنطلق صنع الذات من جديد عن طريق تلقي الأفكار والبناء عليها.
ولأنه هناك رسالة فارقة في معادلة المعرفة الإسلامية ليس على مستوى العرب بل على مستوى الإنسانية والفلسفة الأخلاقية في الغرب. وأكبر مثال على ذلك خطاب الفيلسوف الفرنسي رينيه غينون عام ١٩٤٦م. حيث اتضح أنه هناك أزمة مع الذات المسلمة، فقد تمت معاداته رغم مصداقية حديثه فقط لأنه أسلم.

ماذا نحتاج لكي نصل إلى وطن مختلف؟
نحتاج إلى إنسان مختلف ولن نصل إلى ذلك دون إعادة صياغة ثقافة الفرد والذين يحملون لواء التغيير هم الشباب، التسجيد الواقعي لحلم النهضة، حلم واقعي نرجو تحققه. كان حلم الربيع العربي هو البدء بعجلة النهضة بمجرد إعلان سقوط الأنظمة وكان هذا أول مأزق تنفيذي يدخله سبيل النهضة؛ لذا يجب على الشباب العربي الوعي التام بكافة المشاكل التي تعيق هذا الحلم.

أ) من الحرب إلى السلام
هل نحن متعبدون ديناً بأن نطلب البلاء أم ندفع البلاء؟
نحن متعبدون بدفع البلاء فليس من سنن الله الكونية أن نقوم بالتضحية بأعداد كبيرة من الشباب فقط في سبيل الوصول للحلم دون الوعي الحاضر. ولأنه عندما يتم القفز على المقدمات الكبيرة يهوي حلم النهضة. إن التفكير في إعادة الذات الإنسانية تبدأ عندما يُنقل الوطن المغدور من الحرب إلى السلم.

ب) من الفوضى إلى الاستقرار السياسي
لا يجب أن تؤثر علينا منابر العاطفة ولا هتافات المرتزقة في توجهنا.. يجب أن لا يُؤسس لثقافة الطائفية بروح القاتل أو المقتول مهما بلغت المواجهة لأنها ثقافة مدمرة.

بعد تحقيق هاتين النقطتين الهامتين ننتقل لدولة العدالة والنهضة.
هل هناك نهضة للذات؟
قبل التفكير بنهضة للوطن يجب التفكير بنهضة الذات
هناك إشكاليتين في البشر:
١) أنظمة الاستبداد المجرمة
٢) قادة الرأي. وقادة الرأي لديهم أزمتين حقيقيتين
•أزمة أخلاقية حيث لايوجد عدالة أخلاقية ومنها الإنحراف للمصالح على حساب القيم.
•الجهل بالمعرفة حيث يكون هناك حماس ورأي لكن الجهل يأتي بنكبة للمشروع.
هذان العنصران مهمان في صناعة الذات بحيث لا يطغى الجهل على عقولنا وأن تكون التقوى الداخلية حاضرة.

التأهيل للذات:
كيف تؤهل الذات؟
يكون تأهيل الذات في أربع جوانب كالآتي:
١) الذات الوجدانية:
فهي في فكر المعرفة تقوم على النفس المطمئنة والروح الأخلاقية. حيث إن معادلة الذات الوجدانية هي ملاومة نفسك في ظنك بالسوء بالناس وعدم العدل فيما بينك وبين الله وبين ماتؤديه للآخرين. إن غياب الذات الوجدانية يؤثر على طريق الشباب وهم يبحثون عن المعرفة.

٢) الذات الأخلاقية والعلاقة مع الآخر:
وتتجسد في أزمة الفكر الإسلامي والخطاب الديني حيث أن التعامل مع الآخرين حسب معايير الروح التيارية.

٣) الذات المعرفية:
إن أزمات المجتمعات ونكبات الشعوب لاتتطلب منك التخلي عن فرص نجاحك. إن الذات المعرفية تساعد في فهم الفكرة الإسلامية على غرار الكثير من المتعمقين فيها كعلي عزت بيغوفيتش. إن مشكلة الحركة الإسلامية هي عدم إدراكها للقواعد الأساسية لعلم المعرفة.
إن إدراك الرؤية الكونية عن طريق علم المعرفة لها جانبين:
_جانب المآل (الدار الآخرة)
_جانب المقام (أي تعاملك مع الناس في هذه الحياة من المسلمين وغير المسلمين.)

٤) التقدم للمبادرات:
صناعة المبادرات من أهم السبل لتحقيق الذات وصناعتها.
كيف نصنع الفارق في الوطن العربي؟
•التعارف لا الإسقاط
•التشارك لا الإحتواء

من النقاط المهمة للأمسية:
▪︎لعبة الأمم عندما تتدحرج فيها الأوطان يعز فيها السبيل للخلاص.
▪︎لا تفكير في غرس النهضة قبل أن تستقر الأوطان
▪︎كفاح الإنسان اليمني عظيم حيث قدم شاعر اليمن البردوني قصة عظيمة بهدمه بيت الحوثي بشعره الفلسفي العميق.
▪︎كتاب قصور الاستشراق لوائل حلاق تحدث عن محاولة الدراسات الاستشراقية فهم العلاقة بين الانسان الغربي والآخر والتي كانت دون مبدأ.
▪︎إن معادلة الروح في الإسلام ليست معادلة روح غيبية بل معادلة أرواح وقيم وهي تسعى لها جميعاً.
▪︎للأستاذ /مهنا الحبيل مقالة بعنوان الجيل الثاني للثورة السورية تتحدث عن جانبين
١) البحث عن السلم الأهلي للأجئين
٢) التحول إلى كفاح مدني
https://mugtama.com/hot-files/item/69235-2018-03-07-17-41-13.html

▪︎مساحة النجاح الذي حققته الحركة الإسلامية في قسمها الأول
قبل التطورات، كان قائماً على فكرة التحول من حركة جماعة إلى حركة مجتمع.
ومن وطن الجماعة إلى جماعة الوطن؛ أنها نجحت في تحويل ذاتها من حركة جماعة إلى حركة مجتمع ومن وطن الجماعة إلى جماعة الوطن.
مكتبة الشيخ محمد الغزالي أفضل بداية لبدء فهم المعرفة. و من أجمل ماكتب الشيخ “ليس شرطاً في تعاملك مع غير المسلمين أن تقتنصه للآخرة، فالأصل أن نحيي الإنسانية بمصالحنا المشتركة”.

بعدها تم فتح باب الأسئلة والنقاش للحاضرين، وتم بعدها توزيع نسخ مجانية من كتاب فكر السيرة لضيف الأمسية الأستاذ مهنا الحبيل على جميع الحضور.