مدخل إلى العقد الاجتماعي لروسو

مهنا الحبيل
لقاء ثقافي مع الشباب العربي في اسطنبول، يهدف الى التقدّم لقراءة معرفية جديدة في تاريخ وأفكار الأمم، ونحن نضع نصب أعيننا مانملك من بُعد معرفي، وأن الحكمة ضالة المؤمن.
بعد ترحيبه بالحضور، يستعيد أ. الحبيل بدايات انطلاق الانشطة الثقاقية للمركز، والتي انطلقت من اسطنبول قبل انتقالها الى كندا. حيث فكرتها الاساسية التي لم تتبدل، وهي العمل ثم العمل على استثمار ما يسميه (الوطن العربي الصغير) في المهجر عموما، لانتاج مشروع فكري يؤسس لأرضية سياسية عندما تُتاح لها فرصة. والذي بالضرورة لابد أن يهدف الى الدفع لتعبئة مساحات الفراغ بين عناصر ومشاريع الوطن العربي الاسلامية منها والعلمانية، تعبئتها بكليات فكرية أساسية مشتركة.


عنوان اللقاء: مدخل الى العقد الاجتماعي لروسو
وفيه يستعرض أ. الحبيل مجموعة مقدمات يراها مهمة لمن أراد الدخول الى عالم روسو، كبداية لفتح مداخلات ونقاش حول الأفكار..
تحدث أ. الحبيل عن أهمية دراسة تاريخ التجارب الحضارية للأمم، بوعي وتعمّق معرفي، وليس اقتباس نهايات ومحاولة تطبيقها؛ فالحكمة كامنة في استخلاص مابين السطور.
يرى أ. الحبيل أن المنظومة العامة في قراءة الحضارة الغربية، يجب أن تتضمن تفصيلا لجدل الحضارة بين الأخلاق والعُمران؛ فهي حضارة كبيرة لكنها تعرضت لانتكاسات خطيرة.
وفي الحديث عن العُمران الحضاري الغربي، هل هو بالمطلق نهايات الانتكاسات أم هناك جوانب المأسسة وصناعة الدستور والدولة.
أما القيم الأخلاقية، فالمفارقة مع التجربة الغربية، واضحة في تصعيدهم للأخلاق الادارية على حساب الأخلاق الروحية؛ مما أورث خلل التطفيف وعدم التوازن.
لذا يخلص أ. الحبيل الى أن التفاصل والتكامل، هو الوصف الدقيق لعلاقتنا المعرفية مع الفلسفة الغربية وحضارتها.
يستعرض جملة من فلاسفة عصره، وعلاقته معهم، مشيرا لأهمية دراسة حياته؛ وأثر ذلك على خلاصته الفكرية.
صحيح روسو رجل تنويري، بوصفه متمردا على الأحكام المسبقة، إلا أنه تنويري من نوع خاص لعدم اعتباره العقل بوصلة جوهرية لنقده الاجتماعي. العقل عند روسو مشدود الى الطبيعة وليس الى التقاليد؛ وهذا سؤال كسؤال اليوم في مسالة الإلحاد، والسؤال الأكبر عن غضب الملحد، هل هو رفض ميتافيزيقي أم إلحاد اجتماعي!
ويذهب أ. الحبيل بعيدا الى ضرورة استحضار السؤال الأهم هنا، عن أين الأصل الأخلاقي للاسلام في التاريخ الاجتماعي للمسلمين؟
قد تكتمل المقدمات عن عقد روسو، بالاطلاع المتأمل لما كتبه عن التربية، وفيها تتضح ثورته ضد دور السلطة المرجعية للتربية والتأسيس، وعلاقة المجتمع بإيجاد الطبقات فيه وخضوع الفقراء للأغنياء..


دولة السعادة، كمفهوم لدى روسو قائم على المؤسسة والقانون، هي سبيل الانقاذ كانت لأوروبا، وفيها يشدد على الإرادة العامة، لكن يضع لها مشارطات.
في جانب نقدي لروسو، يرى أ.الحبيل أنه لم ينفك أيضا كغيره من فلاسفة الغرب، من سيطرة القومية الأوروبية على تحريراتهم؛ وهذا يتضح مثلا من اعجابه بالجمهورية الرومانية دون الاشارة لمآلاتها. وفي عدم توسعه في تاريخ الأمم الأخرى.
يُشير أ. الحبيل الى الفصل الثامن في الكتاب، وحديثه عن الدين المدني، قائلا بأنه مفهوم يتفق مع الرؤية الكونية للاسلام، في ضرورة المرجع الالهي..
خاتما بنص روسو عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
“وكانت لِمُحَمَّدٍ آراءٌ صائبةٌ جدًّا؛ فقد أحسن وصل نظامه السياسي، وذلك أن ظَلَّ شكلُ حكومته باقيًا في عهد خلفائه، فكانت هذه الحكومة واحدة تمامًا، وصالحة إلى هذا الحد، غير أن العرب أصبحوا مُوسِرين متعلمين مثقفين مُتْرَفين مرتخين فأخضعهم البرابرة، وهنالك بدأ الانقسام بين السلطتين”
مشيرا لتأثر هذا النص، بابن خلدون في حديثه عن ابتعاد العرب عن أصل الاسلام، بعد فترة من مكوثهم في الاندلس.

فتحت الجلسة للحوار والنقاش، وشارك فيها بعض الباحثين مع الشباب الحضور

الخنساء

الشؤون الثقافية للمركز الكندي